الموسم السياحي لسوق الأسهم
تم النشر في الخميس 2020-08-27
عبدالله بن عبدالرحمن الربدي
أثارت حركة الأسواق المالية حول العالم دهشة واستغراب كثيرين عندما حققت ارتفاعات متواصلة بعد هبوطها في أول ردة فعل على انتشار فيروس كورونا المستجد، حققت الأسواق المالية قاع الموجة الهابطة في آذار (مارس) ومن ثم وفي الشهر نفسه أخذت الأسواق في الارتفاع وعلى شكل حرف V حتى استعادت جميع الخسائر الماضية، بل بعض المؤشرات والأسهم حقق قمما جديدة تاريخية، لو عاد الزمن إلى الوراء وفي عز التشاؤم في أول آذار (مارس) أو آخر شباط (فبراير) لما وجدت أي محلل أو مستثمر توقع عودة الأسواق بهذا الشكل والسرعة، وهذا طبيعي عطفا على الغموض وعدم اليقين العالي في وقتها حتى بعد أن بدأت الأسواق ترتد وترتفع لم يكن أحد يتوقع المواصلة بهذا الشكل من القوة.
هذه الظاهرة تستحق البحث والدراسة حيث إن الأسواق ارتدت بسرعة وقوة، بينما الاقتصاد ما زال إلى هذا اليوم يعاني، نعم الأسواق تستبق الخبر لكن مع حالة عدم الوضوح المستمرة وطول المدة بين الارتفاعات حتى كتابة هذا المقال التي تقارب خمسة أشهر لا تدعم الارتفاعات وكانت بحجة استباقها الخبر، إذن ما الذي يجعل الأسواق ترتفع بشكل مستمر؟ هل هي بناء على توقعات الأرباح المستقبلية وهي في العادة المحرك الأساسي للسوق؟ الإجابة قد تكون أعقد من الصورة العادية للسوق – في تصوري – هناك عدة عوامل ساعدت على صنع هذه الموجة القوية من الارتفاعات، منها:
1 – انخفاض معدل الفائدة على الودائع والسندات يجعل الفرصة للأسهم بالارتفاع أعلى حيث العلاقة بين معدل الفائدة وأسواق الأسهم علاقة عكسية.
2 – إطلاق برامج تيسير كمي من قبل أغلب الدول، خصوصا في أمريكا، أسهم في ذهاب أغلب هذه الأموال إلى سوق الأسهم، وبالتالي وصول كثير من الشركات، خصوصا التقنية، إلى مستويات غير مسبوقة في القيمة السوقية في الأسهم الأمريكية، مثل سهمي “تسلا” و”أبل” رغم أن شركة أبل ليست أفضل حالا مما قبل فيروس كورونا، ورغم ذلك الشركة تخطت مستوى تريليوني دولار.
3 – انخفاض رغبة المستثمرين في التوسع في مشاريعهم أو الدخول في استثمارات جديدة، خصوصا لدينا في السعودية التي تزامن الوضع بأزمة كورونا مع زيادة ضريبة القيمة المضافة، وبالذات من قبل شريحة كبيرة وذات سيولة عالية مثل العقاريين الذين تأثر قطاعهم، وبالتالي لديهم سيولة عالية تحتاج إلى استثمار، وسوق الأسهم هي القناة الوحيدة المناسبة الآن.
لذلك من الملاحظ التغير الذي حدث للسوق السعودية خلال هذه الفترة حيث زادت قيمة التداولات اليومية بشكل كبير جدا مقارنة بكاون الثاني (يناير) حيث الوضع الاقتصادي كان أفضل كثيرا من الوضع الحالي، حيث أسعار البترول فوق الـ 60 دولارا ولا توجد قطاعات متأثرة كما هي الآن، والميزانية بوضع جيد وضريبة القيمة المضافة عند مستوى متدن للغاية، فقد كان معدل التداول اليومي في حدود ثلاثة إلى ثلاثة مليارات ونصف المليار يوميا، بينما الآن تجاوزت التداولات تسعة مليارات بمعدل الضعفين، وهذه إشارة واضحة إلى دخول متداولين جدد للسوق، والحقيقة إن أفضل ما أشبه به هؤلاء المستثمرين الجدد بالسياح على السوق السعودية، حيث إنهم مؤقتون ويكون حضورهم في وقت واحد وكذلك خروجهم، وهم مثلهم مثل أي سائح يحصل على أعلى أسعار للغرف والتذاكر بسبب الموسمية والطلب العالي، كذلك هم اشتروا الشركات بأسعار أعلى مما كانت عليه في عز الأزمة على عكس المتداولين الأصليين الذين اشتروا قبل الموسم وحضور السياح، فأهلا بكم في الموسم السياحي لسوق الأسهم وأسعاره المرتفعة.
عن الاقتصادية