المواني .. جائحة كورونا تسببت في أكبر اضطراب قبل 65 عاما.
تم النشر في السبت 2021-08-14
توجد 22 سفينة في ميناءي لوس أنجلوس ولونج بيتش في الولايات المتحدة تنتظر مرسى لها.
لطالما واجهت الموانئ حالات تأخير بسبب الأمواج والضباب والعواصف، لكن الجائحة تسببت في أكبر اضطراب منذ بداية شحن الحاويات قبل 65 عاما.
قال جون مانرز بيل، الرئيس التنفيذي لشركة ترانسبورت إنتيليجنس الاستشارية: “سلطت جائحة كوفيد – 19 الضوء على أن الموانئ بحاجة ماسة إلى الاستثمار”. وأضاف: “كان نظام البنية التحتية للموانئ بأكمله مرهقا خلال العام الماضي”.
توجد 353 سفينة حاويات عالقة خارج الموانئ حول العالم حاليا، أكثر من ضعف عدد التي كانت عالقة في وقت سابق من العام، وفقا لبيانات في الوقت الفعلي من شركة كوني آند ناجل للخدمات اللوجستية.
في بعض الحالات، مثل ميناءي لوس أنجلوس ولونج بيتش في الولايات المتحدة حيث يوجد فيهما حاليا 22 سفينة تنتظر مرسى لها، سيستغرق الأمر 12 يوما قبل أن تتمكن السفن من إنزال المرساة وتفريغ حاوياتها الجاهزة للتوزيع للمصانع والمستودعات والمتاجر والمنازل في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
تسبب هذا المأزق في نقص المخزون وتأخير عمليات التسليم، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وإحباط المستهلكين في وقت أدى فيه ازدهار التسوق عبر الإنترنت إلى زيادة الطلب على التوصيل في اليوم التالي.
تسببت قيود كوفيد – 19 المفروضة على الحدود، ومتطلبات التباعد الاجتماعي، وعمليات إغلاق المصانع في إحداث فوضى في سلاسل الإمداد التقليدية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الشحن على طرق الشحن البحري الرئيسة بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا.
حتى قبل الجائحة، كانت الموانئ تتعرض لضغوط لتحديث بنيتها التحتية من خلال أتمتة العمليات، وإزالة الكربون من الخدمات اللوجستية، وبناء المرافق التي يمكنها التعامل مع الجيل الجديد من السفن الأكبر حجما.
قال سورين توفت، الرئيس التنفيذي لـ إم إس سي MSC، ثاني أكبر مجموعة لشحن الحاويات في العالم: “من الخطأ القول: إنه لم تكن هناك مشكلات قبل اندفاع الشحنات”. أضاف: “أصبحت مجمعات الموانئ قديمة، وكانت هناك قيود على السعة، وكانت هناك قيود مفروضة على القدرة على خدمة الحجم المتزايد باستمرار للسفن”.
مجموعات الشحن، مثل شركة أيه بي مولر- ميرسك الدنماركية، أكبر شركة لتشغيل السفن وشحن الحاويات في العالم، وشركة إم إس سي MSC السويسرية الإيطالية، وهاباج – ليود الألمانية، وشركة سي إم أيه وسي جي إم CMA CGM الفرنسية، كافحت من أجل تسليم البضائع في الوقت المحدد، حيث تقطعت السبل بالحاويات في البحر.
تفاقمت الاضطرابات بسبب السفن الجديدة الأكبر حجما التي أصبحت عملاقة على مر العقود، حيث يستهدف الملاك وفورات الحجم لخفض تكاليف النقل.
يمكن أن تحمل أكبر السفن ما يصل إلى 20 ألف حاوية بارتفاع 20 قدما في الوقت نفسه التي إذا تم تحميلها على شاحنات فستمتد إلى مسافة أبعد من التي بين باريس وأمستردام على طريق سريع. لكنها تتطلب تغييرات في البنية التحتية، بما في ذلك أحواض بناء السفن أكثر عمقا ورافعات أكبر.
تنفيذ البنية التحتية الجديدة يستغرق وقتا. حتى تثبيت الرافعة قد يستغرق 18 شهرا من وقت طلبها، ما يجعل من الصعب على الموانئ الاستجابة بسرعة للتغيرات في الطلب.
تورلوك موني، المدير المساعد لقطاع النقل البحري والتجارة في “آي إتش إس ماركيت” IHS Markit، قال إن بعض الموانئ ربما كانت “دون المستوى” وفشلت في التكيف مع السفن الجديدة الأكبر حجما، خاصة في الأسواق الناشئة، مثل بنجلادش والفلبين، حيث هناك ازدحام مزمن حتى قبل الجائحة.
وأوضح موني أن تخطيط الساحات الطرفية، مثلا، ربما لم يتم تصميمه جيدا قدر الإمكان للتعامل مع الزيادات المفاجئة في الطاقة الإنتاجية.
لكنه أضاف أن تحسين البنية التحتية ليس سوى جزء من القصة. ورأى أن الجائحة سلطت الضوء على الحاجة إلى زيادة التنسيق وتبادل المعلومات والرقمنة في جميع أنحاء سلسلة الإمداد.
في بعض الحالات، يمكن تحسين الإنتاجية رغم إعاقتها بسبب التباعد الاجتماعي. في أمريكا الشمالية، متوسط الوقت الذي تقضيه سفن الحاويات في الانتظار للحصول على مرسى قفز إلى 33 ساعة في أيار (مايو)، مقارنة بثماني ساعات فقط في 2019، وفقا لبيانات أداء الموانئ من “آي إتش إس ماركت”.
رغم أن الهدف من السفن الكبيرة توفير التكاليف لأصحابها، إلا أنها تعني أن الموانئ تستلم طلبات أقل، ما يقلل من عائداتها.
زادت الجائحة من الضغط بشكل كبير، ما أدى إلى زيادة التكاليف وتضرر الهوامش، الأمر الذي أجبر بعض الموانئ على خفض الإنفاق عن طريق تقليص التوظيف وزيادة الأتمتة.
قالت شيامالي راجيفان، مديرة البنية التحتية وتمويل المشاريع في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني: “ألقت الموانئ نظرة فاحصة على التكلفة الأساسية الخاصة بها واتبعت سياسة (شد الأحزمة) خلال الجائحة”. أضافت: “لكن سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كانت مستدامة”.
يقول آخرون من غير العدل إلقاء اللوم على الموانئ في المشكلات التي حدثت خلال الأزمة التي تفاقمت بسبب جنوح إحدى أكبر السفن في العالم في قناة السويس في وقت سابق من العام.
قال مانرز بيل: “كل جزء من سلسلة الإمداد على وشك الانهيار في الوقت الحالي”. أضاف: “لا يمكنك إلقاء اللوم على وكالات الشحن أو شركات النقل بالشاحنات أو خطوط الشحن البحري. حتى التغيرات الصغيرة في الطلب يمكن أن يكون لها تأثير كبير في سلسلة التوريد”.
بعض شركات الشحن تعاملت مع الأمر بطريقتها الخاصة، وهي تستثمر في الموانئ، حتى تتمكن سفنها من الحصول على الأولوية في المعاملة.
في أحدث مثال إتش إتش إل أيه “HHLA”، وهي شركة مشغلة للمحطات في هامبورج، قالت إنها تجري محادثات مع “كوسكو شيبينج بورتس” Cosco Shipping Ports، وهي شركة تابعة لمجموعة شحن صينية أوسع نطاقا، بشأن الحصول على حصة أقلية.
قالت جابرييل ديل من شركة ماكواري لإدارة الأصول، وهي مستثمرة في الموانئ، إن هذا جعل شركات الشحن “شركاء في التخطيط والاستثمار في البنية التحتية لمحطات الشحن من أجل توفير القدرة على تلبية الطلب”.
في المملكة المتحدة، حيث معظم الموانئ مملوكة بالكامل للقطاع الخاص، قال المشغلون إن الحكومة ستحتاج إلى دعم الصناعة في تحقيق الأهداف التي تطمح إليها في الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية. هذا يشمل الأرصفة المرتفعة والدفاعات المحسنة ضد الفيضانات، فضلا عن الشحن الكهربائي في أحواض بناء السفن حيث يمكن للسفن السياحية، التي ترسو محملة بآلاف الركاب، التحول من طاقة الديزل.
قال مارك سيموندز، مدير السياسة في الهيئة التجارية لرابطة الموانئ البريطانية: “لا توجد دراسة جدوى للموانئ للقيام بهذا الاستثمار، وستحتاج الحكومة إلى توفير التمويل اللازم لجعله قابلا للتطبيق”.
لكن ربما يكون السؤال الأهم كيف ستتكيف الموانئ مع التغيرات المحتملة في طلب المستهلكين بعد الجائحة.
قال مارك ليفينسون، خبير شحن الحاويات: “الطلب على التوصيل في اليوم التالي غير الطريقة التي تختار بها شركات الشحن الموانئ، وقد يتغير ذلك مرة أخرى إذا لم يعد صالحا بعد الجائحة”.