ط
أخبار الاقتصادالأخبار

المشهد الجيوسياسي يعزز أسعار النفط والذهب ويعرّض النحاس لانتكاسة

تم النشر في الأحد 2018-03-25

يبدو المشهد الجيوسياسي مروّعاً بشكل متزايد بعد قرار الرئيس ترامب فرض رسوم جمركية بقيمة 50 مليار دولار على السلع صينية الصنع. وسارعت الصين للرد باستهداف 3 مليار دولار من الصادرات الأمريكية، وتنظر في اتخاذ تدابير انتقامية إضافية.

وعزز تعيين شخصيات مقرّبة من ترامب، والمعروفة بمناهضتها العلنية لإيران، من مخاطر إعادة فرض عقوبات أمريكية على إيران في موعد أقصاه 12 مايو؛ حيث حلّ مايك بومبيو بدلاً من تيلرسون في منصب وزير الخارجية، بينما تولى جون بولتون منصباً مهماً كمستشار للأمن القومي خلفاً للجنرال هربرت ماكماستر.

وسرعان ما استجابت السوق لهذه المتغيرات فتراجعت أسعار الأسهم بشكل حاد، بينما تلقى الين الياباني دفعة نتيجة لانخفاض مراكز البيع على المكشوف.

وجاءت التداولات وفق مؤشر بلومبرج للسلع أكثر ليونة على مدار الأسبوع استجابة للأحداث الجارية خلاله، مما أدى إلى ارتفاع تداولات النفط الخام نتيجة للتهديد الإيراني، وانخفاض مستوى الإمدادات وأسعار المعادن الصناعية وعرقلة توقعات النمو العالمي. ولعبت هذه التطورات دوراً كبيراً في دعم أسعار الذهب مع تغطية قصيرة عقب الزيادة الحذرة لأسعار الفائدة الأمريكية، مما وفر دفعة إضافية للأسعار.

وكانت السلع الزراعية أضعف بشكل عام، مع تدهور قطاع الحبوب بعد أن ساعدت المخاوف من اندلاع حرب تجارية وتراجع القواعد الأساسية في جني الأرباح من المتداولين المضاربين. وعلى مدى ثمانية أسابيع وصولاً إلى 13 مارس، غيّرت الصناديق مراكزها في ثلاثة محاصيل رئيسية هي القمح والذرة وفول الصويا من مستوى قياسي يبلغ 473 ألف لوت إلى 406 ألف لوت.

وتجاوز صافي عقود الذرة وفول الصويا 200 ألف لوت، وهو أعلى مستوى له منذ نحو أربع سنوات. وكان من الصعب الحفاظ على مركز بمثل هذا الحجم وفقاً للتاريخ الحديث؛ وكثيراً ما أدى إلى انعكاسات حادة.

وتعتبر الصين أكبر مشترٍ لفول الصويا الذي تنتجه الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تجارة تبلغ قيمتها نحو 15 مليار دولار سنوياً. ويمكن لأي تصعيد باندلاع حرب تجارية أن يدفع الصين نحو محاولة استيراد مزيد من فول الصويا مستعينة بمورّدين من أمريكا الجنوبية. ومع ذلك، يبدو هذا السيناريو مستبعداً على نطاق واسع نظراً لصعوبة تلبية كامل الطلب الصيني على هذا المحصول من جهات خارج أمريكا

هذا وقد ارتفعت أسعار النفط الخام بعد عدة أسابيع من السبات، وبدأ الارتفاع بعد نجاح خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت في اجتياز مستويات فنية رئيسية، وبعد تلقي الدعم الأساسي من خلال التركيز المتجدد على انقطاع الإمدادات.

تشير التوقعات إلى احتمال أن تعمد واشنطن إلى إعادة فرض عقوبات ضد إيران في 12 مايو المقبل، مما قد يضرّ بقدرتها على إنتاج وتصدير النفط الخام. ويزداد خطر انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الذي وقعته مع إيران في مايو الماضي، في أعقاب قرار ترامب بتعيين وزير خارجية جديد ومستشار للأمن القومي من الشخصيات المعروفة بمعاداتها العلنية لإيران وفنزويلا وكوريا الشمالية.

وتعتبر خطة العمل المشتركة والشاملة، المعروفة باسم “الاتفاق النووي الإيراني”، اتفاقية وقعتها كل من الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والاتحاد الأوروبي. ومن غير المحتمل أن يؤدي تأثر السوق بانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق إلى وقوع انخفاض كبير في الصادرات الإيرانية، نظراً للدعم الكبير الذي ما زال يحظى به من بقية الأعضاء الآخرين. ومع ذلك، يتوقع أن تتأثر قدرة إيران على استقطاب رأس المال الأجنبي الإضافي اللازم للمحافظة على الإنتاج، ناهيك عن توسيعه، بابتعاد المستثمرين الأجانب (باستثناء متوقع من روسيا والصين).

وفي ضوء الأحداث الجارية، يحظى عزم الصين على إطلاق عقود نفط آجلة مقوّمة باليوان، والتي طال انتظارها، في 26 مارس بقدر كبير من الاهتمام والترقّب. وفي ظلّ توقعاتنا الصارمة لعام 2018، ربطنا خطوة الإطلاق بتقدير حاد لليوان. لقد أصبحت الصين بالفعل أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، وسيكون كبار المصدّرين، وعلى رأسهم إيران وروسيا، مسرورين جداً بالتحايل على البترودولار. وكما اقتضت الحال دوماً مع إطلاق عقود آجلة جديدة، يعتمد نجاحها إلى حد كبير على قدرتها في استقطاب المنتجين والباحثين عن التحوّط والمضاربين – ووجودهم ضروري لتوفير السيولة اللازمة.

وظهرت إحدى مؤشرات الشراء الفنية بعد اختراق تشكيل المثلث الذي تم إنشاؤه مؤخراً. ويمكن أن يصل هدف ارتفاع أسعار خام غرب تكساس الوسيط إلى 71 دولار للبرميل، ولكن ينبغي أولاً اجتياز ارتفاع عام 2018 عند 66.70 دولار للبرميل. وتعتمد إمكانية حدوث ذلك على مدى استمرار السوق في التركيز على تعطل الإمدادات بالمقارنة مع الزيادة المستمرة في الإنتاج من الدول غير الأعضاء في أوبك، والمخاطر التي قد تؤثر على نمو الطلب في المستقبل جراء اندلاع حرب تجارية عالمية.

وعلى غرار مناسبات سابقة، استجابت أسعار الذهب مجدداً بشكل إيجابي لارتفاع آخر في أسعار فائدة الاحتياطي الفيدرالي. وفيما اجتهد المحللون لاتخاذ قرار بشأن التشاؤم أو التفاؤل حيال ارتفاع الأسعار هذا، أكدت السوق على الجانب “التشاؤمي” لهذه الخطوة وشهدت أسعار الذهب مزيداً من الارتفاع على التغطية القصيرة وتجدد عمليات الشراء مع ظهور سحبٍ سوداء في آفاق الاقتصاد العالمي.

 

وساعد ارتفاع التوترات التجارية والتركيز المتجدد على الاستقرار في الشرق الأوسط في دفع المستثمرين نحو الذهب نتيجة بحثهم عن ملجأ من سوق الأسهم المتجددة وضعف الدولار أمام الين الياباني على أقل تقدير. وتفرض مخاطر اندلاع حرب تجارية تهديدات بتقليص حجم التجارة العالمية، مما يخلق رياحاً معاكسة للنمو العالمي والمخزونات، ويدفع أكثر نحو تنويع الطلب والبحث عن ملاذ آمن.

ولعبت قوة الين الياباني أمام الدولار دوراً في المساعدة على التعويض من التأثير السلبي للذهب على ارتفاع العائدات الحقيقية، بينما حظيت السوق بفرص شراء جديدة إثر قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة.

ووصلت حيازات الذهب عبر المنتجات المتداولة في البورصة إلى أعلى مستوياتها منذ خمس سنوات مع استمرار تكدّس المستثمرين على المدى الطويل. ولعبت صناديق التحوّط دور بائعي عقود الذهب الآجلة خلال الأسابيع الستة الماضية، ولديها الآن مجال لإعادة بناء عقود الشراء مع تحسن التوقعات الفنية والأساسية.

وبات المشهد المستقبلي لسوق الذهب أكثر وضوحاً إثر عودته مجدداً إلى منطقة قوبل فيها المعدن بالرفض في مناسبات عديدة على مدى السنوات الأربع الماضية. ومن المحتمل أن تكون عمليات التغطية القصيرة قبل ارتفاع أسعار فائدة الاحتياطي الفيدرالي قد انطلقت في مسارها، بحيث أصبح الشراء الجديد مطلوباً في السوق لاكتساب الزخم اللازم لاجتياز عتبة 1375 دولار للأونصة.

ولسنا بحاجة لإعادة التأكيد على توقعاتنا الإيجابية وسط توقعات بتدهور فئات الأصول الأخرى. وما زال الدعم الرئيسي عند 1300 دولار للأونصة، بينما يمكن أن يشير اختراق عتبة 1375 دولار للأونصة إلى امتداد نحو 1475 دولار للأونصة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock