المرأة تقود التغيير في قطاع الخدمات اللوجستية في السعودية
تم النشر في الأثنين 2024-03-11
في الثامن من مارس من كل عام، يحتفل العالم أجمع باليوم العالمي للمرأة، وهو يوم مخصص للاحتفال بالمساهمات الرائعة للنساء في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، مع مناصرة قضية المساواة بين الجنسين. يترافق اليوم العالمي للمرأة هذا العام مع شعار “الاستثمار في النساء: تسريع التقدم”، وهو نداء مقنّع للمجتمع الدولي لتخصيص التمويل الضروري لسدّ الفجوة بين الجنسين، وتعزيز حقوق المرأة، وتطوير المجتمعات الأكثر شمولاً. واللافت أن النساء لسن المستفيدات الوحيدات، بحيث تشير الأبحاث إلى أن سدّ الفجوة بين الجنسين يمكن أن يعزز الناتج المحلي الإجمالي للفرد بما يقارب 20 في المئة.
يلقى شعار العام 2024 صدى كبيراً في المملكة العربية السعودية التي تشهد تحولاً شاملاً وفق رؤية 2030. وتسعى هذه الخطة الطموحة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي إلى تنمية مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر، وحماية رفاهية الأجيال الحالية والمستقبلية. ودعماً لهذه الرؤية، التزمت المملكة العربية السعودية بتمكين المرأة كجزء من حقبة جديدة من الشمولية. وباتت المرأة تؤدي دوراً محورياً في تحقيق هذه الرؤية.
في هذا السياق، تسعى المملكة العربية السعودية إلى تحقيق مشاركة بنسبة 30 في المئة للنساء بحلول عام 2030، علماً أن النسبة كانت 15 في المئة في العام 2018. ومن المتوقع أن تسهم الزيادة في مشاركة النساء في سوق العمل بما يقارب 39 مليار دولار في اقتصاد البلاد، وفق تقييمات ستاندرد آند بورز العالمية.
يبلغ عدد سكان المملكة حوالي 37.5 مليون نسمة، 43 في المئة منهم من النساء، مما يعني إيجاد الكثير من فرص العمل الجديدة. ونتيجة ذلك، تشهد القطاعات التي كان يهيمن عليها الرجال تقليدياً تزايداً في عدد الموظفات. فمن الوظائف الحكومية إلى الأمن السيبراني والخدمات اللوجستية، تتقدم النساء في القطاعات التي كان تمثيلهن فيها ضئيلاً تقليدياً.
والواقع أن هذه التطورات ليست رمزية فقط؛ وإنما هي نتيجة تدابير عملية لتمكين المرأة لتصبح مساهمة فعالة في سوق العمل، وهي ضرورية لرؤية المملكة في بناء مجتمع مزدهر وديناميكي. ويعتبر قطاع الخدمات اللوجستية من أبرز القطاعات التي تظهر هذا التقدم، علماً أنه يشكل ركيزة أساسية في التجارة العالمية. كما أن العدد المتزايد للنساء اللواتي يتبوأن مناصب حيوية ومتنوعة له الكثير من الفوائد، منها تحسين مستويات الابتكار والكفاءة والنهج المتوازن لمواجهة تحديات الاقتصاد الديناميكي
لكن كيف يمكن لصناعة موجهة تقليدياً للذكور أن تجتذب المزيد من المواهب النسائية؟
توفر شركة ايجكس للخدمات اللوجستية مخططاً مقنعاً. تأسست شركة ايجكس عام 2021 لدعم هدف رؤية المملكة العربية السعودية 2030 في أن تصبح مركزاً عالمياً للخدمات اللوجستية، وتعمل ايجكس على تشجيع دخول الخريجات الشابات إلى هذا القطاع. وبالتعاون مع وزارة النقل والخدمات اللوجستية، ومن خلال مبادرات مثل برنامج الأكاديمية السعودية اللوجستية، تقوم ايجكس بتزويد النساء بالمهارات اللازمة للتفوق في قطاع الخدمات اللوجستية. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر برنامج القادة المستقبليين في ايجكس بمثابة تأكيد على التزام الشركة بتطوير القيادات النسائية داخل القطاع، مما يوفر مساراً تطويراً قوياً على مدى أربع سنوات من الأدوار الأمامية إلى الإدارة العليا. واليوم، يتم توظيف النساء في أدوار حيوية في مختلف الأقسام، مما يساعد على تطوير القطاع.
على سبيل المثال أثير المسفر، مديرة عناية العملاء في ايجكس. بدأت رحلة أثير المسفر في قطاع الخدمات اللوجستية نتيجة انبهارها بالتطور السريع للتجارة العالمية، إضافة إلى شغفها بالتواصل مع الناس وبناء علاقات قوية. ويتطلب دورها تحسين تجارب العملاء باستمرار وإدارة النزاعات مع العملاء بكفاءة. تنجح أثير في ذلك من خلال “العناصر السبعة للخدمات اللوجستية”، ألا وهي التواصل، والإنشاء، والتخصيص، والتنسيق، والدمج، والتعاون والمساهمة للارتقاء بتجربة العملاء إلى آفاق جديدة.
استناداً إلى هذا النهج، أصبحت أثير رائدة في دورها، حيث قامت بتعزيز العلاقات مع أصحاب المصلحة المهمين والحفاظ عليها، وتبسيط عمليات خدمة العملاء، ورفع مستويات رضا العملاء بشكل عام. وبالارتكاز إلى خبرتها ومعرفتها، قامت بتطوير منهج تدريبي يدعم تطوير مهارات زملائها، بالإضافة إلى تنفيذ استطلاع لتتبع ومراقبة التقدم لضمان رضا العملاء.
وبالحديث عن دورها في قطاع الخدمات اللوجستية السعودية، قالت أثير: “للبقاء في الطليعة، علينا الابتكار والعمل على تحسين عملياتنا اللوجستية باستمرار لتلبية الاحتياجات الفريدة لكل عميل. وفي هذا الصدد، يمكن للمرأة أن تلعب دوراً حيوياً في دعم نمو وتطور قطاع الخدمات اللوجستية في المملكة العربية السعودية، حيث تستطيع تقديم آراء ومهارات وقيادة بالغة الأهمية تعود بالفائدة على المستخدم النهائي“.
أما أروى الحجي، مراقبة الائتمان وتمويل الأعمال في ايجكس، فقد منحها دورها الأولي في خدمة العملاء رؤية شاملة لقطاع الخدمات اللوجستية، مما عزز فهمها العميق لأهمية الاستراتيجية المالية في السلع والخدمات.
“إن بداية مسيرتي المهنية في خدمة العملاء في ايجكس كانت أكثر من مجرد وظيفة؛ فقد كانت أساس رحلتي في قطاع الخدمات اللوجستية. فمن التعامل مع الشحن والتوزيع إلى إتقان التسليم السريع، أصبح كل تحدٍ بمثابة فرصة للتعلم والتكيف. وقد علّمتني مواجهة التحديات أهمية المرونة وإيجاد الحلول بسرعة. وفرت لي ايجكس المنصة لفهم كامل التعقيدات اللوجستية، مما أتاح لي التغلب بثقة على كل عقبة تعترضني”.
إن التزامها بالتميز المالي في شركة ايجكس لا يتعلق فقط بالأرقام، وإنما أيضاً بتشكيل السرد الاقتصادي الذي يوفر الازدهار للشركات والاقتصاد. وتقول أروى الحجي: “في قطاع الخدمات اللوجستية، أنت جزء من قصة كبيرة”، مما يؤكد على الفرص الهائلة التي يوفرها هذا القطاع لأولئك الذين يجرؤون على سبر أعماقه. وهي تشجع النساء اللواتي يفكرن في العمل اللوجستي على الغوص فيه، مؤكدة على الفرص المتنوعة في القطاع والانفتاح على العقول التحليلية والقادة الطموحين على حد سواء.
في المقابل، قررت مديرة عمليات الموارد البشرية، أمجاد محمد، الدخول في قطاع الخدمات اللوجستية “لكي تكون جزءًا من شيء تحوّلي – ليس فقط للشركات، وإنما للمجتمع أيضاً”، على حدّ قولها. والواقع أن عملها فيايجكس يتخطى الدور التقليدي للموارد البشرية، إذ يتعلق بتنمية المواهب وتعزيز الثقافة الشاملة التي تمكّن جميع الموظفين من تقديم أفضل ما لديهم. “إن أبرز الإنجازات التي حققتها من خلال منصبي في الموارد البشرية فيايجكس، هو قيادة مبادرة التنوع والشمول التي طوّرت قوتنا العاملة. ومن خلال السياسات الشاملة وبرامج التطوير الوظيفي، حققنا تقدماً ملحوظاً في تمثيل الجنسين، وجذب النساء الموهوبات والاحتفاظ بهن في كل أقسام الشركة. اليوم، تمثل النساء 21 في المئة من موظفي ايجكس، بما في ذلك اثنتين من كبار المسؤولين، وهو معدل يفوق معايير القطاع بأشواط“.
علاوة على ذلك، ومن خلال متابعة التطورات اللوجستية، تؤكد أمجاد أن القوى العاملة في ايجكس ليست مستعدة فقط لمواجهة تحديات اليوم، وإنما هي أيضاً مجهزة لفرص الغد. وتوضح قائلة: “في قطاع الخدمات اللوجستية، تعتبر القدرة على التفكير التحليلي وحل المشكلات والتكيف بسرعة أموراً بالغة الأهمية“.
بالنسبة إلى النصائح الموجهة للنساء الراغبات في دخول قطاعات يهيمن عليها الذكور تقليدياً، مثل قطاع الخدمات اللوجستية، تقول أمجاد: “استفيدي من نقاط قوتك، وأسسي شبكات دعم مهمة، وثقي في قدراتك. ابحثي عن مرشدين، وتحدي الصور النمطية، ودافعي بحماس عن الشمولية. هذه الإجراءات أساسية للصمود والازدهار في هذا القطاع الديناميكي”.
بينما نحتفل باليوم العالمي للمرأة، تسلّط قصص أثير وأروى وأمجاد منايجكس الضوء على التقدم الذي حققته المرأة في قطاع الخدمات اللوجستية، وتؤكد أيضاً على السرد الأوسع للتمكين والتقدم داخل المملكة العربية السعودية. إن إنجازاتهن الفردية وتأثيرهن الجماعي تجسّد رؤية مستقبل ديناميكي شامل، حيث تكون مساهمات المرأة جزءاً لا يتجزأ من نجاح المملكة.