الفساد الأخطر في الاقتصاد
تم النشر في الثلاثاء 2019-12-24
تشهد المملكة في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده إصلاحات اقتصادية تاريخية ومنها صدور الأمر الملكي بتاريخ 12-12-2019م، والذي يتضمن ضم هيئة الرقابة والتحقيق والمباحث الإدارية إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لتصبح «هيئة الرقابة ومكافحة الفساد»، وإنشاء وحدة تحقيق وادعاء جنائي تابعة لها. وهذه خطوة استكمالية للخطوات السابقة التي شهدت محاكمة وإدانة عدد من الفاسدين، مما يؤكد حرص القيادة على الحد من آثار الفساد على أداء الاقتصاد والتنمية المستدامة.
لقد أصبح الفساد الطريق القصير إلى تأمين الثروات بوسائل غير قانونية وعلى حساب المال العام؛ أو بإساءة استخدام النفوذ والسلطة العامة من أجل الرفاه الشخصي. وكما أوضح الباحث فيرامجاما نيكونغي «بأن الفساد يجري في دم الناس في بلدنا، وبدلاً من معارضته، اعتاد الناس على قبوله واعتبروه جزءاً لا يتجزأ من الحياة، وهو ما زال إحدى المشكلات في العديد من الاقتصادات النامية وله عواقب مدمرة على التنمية الاقتصادية والمالية للبلاد» جيرنال الهندية 2019.
وتؤكد الدراسات أن مستويات الفساد في الاقتصادات الناشئة أعلى بكثير وأقل ازدهاراً من البلدان المتقدمة، وبهذا تشهد هذه البلدان ارتفاعاً في تكلفة المشروعات العامة وانخفاضاً في جودتها بل تعثر تنفيذها، حيث يستخدم بعض أصحاب الأعمال اتصالاتهم أو أموالهم لرشوة المسؤولين الحكوميين والتلاعب بسياسات وآليات السوق، لكي يصبحوا محتكرين القلة للسلع والخدمات في السوق. وبهذا تكون المشتريات العامة أكثر عرضة للاحتيال والفساد بسبب ضخامة حجم التدفقات المالية المرتبطة بالمشروعات العامة، حيث تشير التقديرات بأن المشتريات العامة في معظم البلدان تشكل ما بين 15 % و30 % من الناتج المحلي الإجمالي.
كما أن معظم الأعمال التجارية وخاصة الصغيرة في البلدان الفاسدة تتجنب تسجيل دخلها رسمياً لدى السلطات الضريبية لتبقى خارج الاقتصاد الرسمي، فلا تخضع للضرائب الحكومية ولا تساهم في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وبهذا تدفع شركات الظل عادة أجوراً متدنية لعمالتها في بيئة عمل غير مقبولة وبتأمين صحي غير مناسب، مما أسهم في ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب. كما أن الفساد يطرد الاستثمارات الأجنبية التي تبحث عن بيئة استثمارية تنافسية لا يدنسها الفساد.
لقد أصبح الفساد خطراً يهدد الاقتصاد على المدى القصير ويحد من نموه وتنوعه على المدى الطويل، وهذا يأتي على حساب الاقتصاد والمجتمع بأكمله وعلى كفاءة تخصيص الموارد، وانتشار اقتصاد الظل، انخفاض جودة التعليم والرعاية الصحية، مما يجعل المجتمعات أسوأ حالاً وأقل مستويات معيشية لمعظم سكانها، لذا وجب اجتثاث الفساد ومعاقبة الفاسدين بأثر رجعي، فالمال الفاسد محرم شرعياً وقانونياً ولا يسقط بالتقادم ولا يجوز توريثه
عن الزميلة الرياض