تم النشر في الأربعاء 2015-06-17
يسوؤني أن أنسب سلوكا سلبيا للشهر الفضيل، ولكنها الحقيقة، كان الهدف من صوم شهر رمضان كما جاء في القرآن والسنة الشعور بالحرمان والاحساس بالفقراء، ولكن للأسف بات الشهر الفضيل مناسبة للتباهي وموسما لسلوك استهلاكي سلبي.
فعلى الرغم من آخر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) صدر بمايو يشير إلى تراجع أسعار الغذاء بالعالم بنسبة 21 بالمائة بالمقارنة مع العام الماضي، أكد التقرير أن أسعار الغذاء بالعالم سجل أدنى مستوى لها منذ ست سنوات، محققة تراجعا بلغ 30 بالمائة للألبان ومنتجاتها، و27 بالمائة للسكر، و22 بالمائة للحبوب، و21 بالمائة للزيوت النباتية، و12 بالمائة لأسعار اللحوم والدواجن.
إلا أن أسعار الغذاء في أسواقنا الخليجية لا تزال ومنذ ارتفاعها قبل ثماني سنوات وإلى اليوم لم تنخفض، بل هي في ارتفاع موسمي ما فتئ في الصعود بدون تراجع، وهذا مرجعه الأساسي سلوك الأفراد المفرطين في الاستهلاك الأمر الذي يزيد من جشع التجار.
فمنذ الأسبوعين الأولين قبل الشهر الفضيل تبدأ عملية الشراء السلبية المتمثلة في مضاعفة الميزانية الشهرية، بخلاف الأشهر الباقية، وبذلك نستطيع فهم أن عملية الشراء كذلك ستكون مختلفة، وحتى أنواع السلع هي الأخرى مختلفة، فيكفيك أن تمر على الأسواق الاستهلاكية وترى عملية عرض السلع لتعرف كيف تتم عملية البيع والشراء هناك.
فلنا أن نعرف على سبيل المثال أن معدل استهلاك اللحوم (الوطنية) برمضان يصل في البحرين إلى ما يقرب 2000 ذبيحة يومياً وترتفع أحياناً لتصل 5000 ذبيحة، أما في السعودية لم أجد تقارير صحفية تكشف حجم استهلاك اللحوم خلال شهر رمضان، إلا أن هناك تقريرا صدر من منظمة الفاو في العام 2012 يمكن أن نأخذ منه تصورا، كشف أن حجم استهلاك اللحوم بالسعودية يصل الى مليونين و330 ألف طن سنويا، في حين يستهلك الفرد السعودي نحو 52.3 كجم من اللحوم سنوياً. وهذا كما قلنا قبل ثلاثة أعوام يفترض مضاعفة الأرقام اليوم. كذلك وبحسب أحد الخبراء السعوديين فإن الأسر السعودية تنفق على المواد الاستهلاكية في الشهر الفضيل ما يصل إلى 20 بليون ريال سعودي فقط في الموسم الرمضاني.
وبخلاف الاستهلاك، هناك سلبية تكديس مخزون السلع المشتراة، والمبالغة في طبخ الاطباق التي لا تؤكل، وشراء لوازم تكفي لأجل غير مسمى وهي سريعة الانتهاء، أو شراء سلع بنية «يمكن أطبخها»، كل تلك تساهم في أن يتنافس التجار بل يتبارون فيما بينهم لجلب السلع الغذائية بكميات كبيرة، وبيعها بأسعار غير تنافسية لتيقنهم أنه سيتم شراؤها، والبعض يعمد الى زيادة اسعار السلع التي يرتفع عليها الطلب ما يجر باقي التجار لرفع السعر معه، والغريب أن كل الاسعار التي ترتفع قبل وخلال شهر رمضان المباركة لا تنخفض أبداً، ثم يشتكي المستهلك من ارتفاع الاسعار!!.
نقلا عن اليوم