تم النشر في الأربعاء 2016-06-15
لا أحد يشكك في قدرة إقرار رسوم على الأراضي البيضاء على خفض أسعارها، فالأمر لا يحتاج إلى متخصص في هذا الشأن ليفتي، فسن “الرسوم” يجعل “المحتكر” أمام أمرين لا ثالث لهما، الأول “الاستثمار” والآخر دفع الرسوم، وكلاهما سيسهم في ارتفاع العرض أمام الطلب، وبالتالي يصبح خفض الأسعار أمرا حتميا.
قد يسأل أحدهم قائلا: كيف يمكن للخيارين السابقين رفع العرض؟ والإجابة بسيطة وسهلة، فمن خلال الخيار الأول ألا وهو الاستثمار سيمكن بناء وحدات سكنية أو تخطيط أراض “قطع” وعرضها للبيع، ومن هنا سيتوفر الآلاف من المنتجات الإسكانية “سواء أراض أو وحدات” في السوق المحلية، ودفع الرسوم أيضا سيمكن وزارة الإسكان من تنفيذ مشاريعها الإسكانية وزيادة أرقام المعروض في السوق.
ماجد الحقيل وزير الإسكان بزعمي إنه أول من يدرك أسباب الأزمة الإسكانية التي تعانيها السعودية، ففي 2009 أجريت معه حوارا نشر هنا في “الاقتصادية” عندما كان مديرا تنفيذيا لشركة رافال للتطوير العقاري ذكر فيه أن الأزمة الإسكانية تكمن في ارتفاع أسعار المنتج النهائي وعدم قدرة المستهلك على تملكه، وعزا ارتفاع سعر المنتج النهائي إلى ارتفاع أسعار الأراضي.
الأسعار ارتفعت خلال السنوات العشر الماضية ارتفاعا مهولا وغير منطقي وبلغت في بعض المدن الرئيسة 400 في المائة، وأصبحت بعيدة عن متناول يد المستهلك، وانخفاضها أصبح أمرا حتميا في ظل عزوف المستهلكين عن الشراء وفرض الرسوم على الأراضي، بل إن انخفاض الأسعار بدأت في كثير من المناطق وإن كانت في حدود بسيطة.
المضحك والمبكي في الوقت نفسه هو “صراخ” بعض العقاريين الذي تزامن مع قرار بدء فرض الرسوم، وحديثهم عن ضرر الرسوم على القطاع العقاري، وأن عواقبه ستكون وخيمة على المستهلك، وأن الأسعار ستواصل الصعود، واستشهد أحدهم – عبر حسابه في “تويتر” – بأسعار العاملات المنزليات وكيف ارتفعت بعد أن فرض رسوم عليها، وهو أمر أطلق موجة من “الضحك” بين المغردين.
ارتفاع أسعار الأراضي في السنوات الماضية لم يكن منطقيا وتجاوز أسعار السلع الأخرى بكثير، ولم يأت نتيجة قانون العرض والطلب الذي يحكم السوق، بل تحكم فيه “جشع” البعض الذين احتكروا الأراضي وتحكموا في أسعارها، ليأتي الوقت الذي نقول لهم فيه، آن الأوان لتعود الأمور لنصابها بقوة قانون “فرض الرسوم”، والأهم من كل ذلك هو تطبيق القانون بعدالة ومنع التهرب من دفع الرسوم كما تعهد وزير الإسكان في آخر تصريحاته.