مقالات

الاقتصاد والسياسة في بيئة التراث

تم النشر في الثلاثاء 2020-01-14

فضل ابو العينين

دخلت العلاقات السعودية – اليابانية مرحلة مهمة من الشراكة الاقتصادية النوعية، ما عزز العلاقات السياسية، والتفاهم الأمني الذي يكرس أمن المنطقة وأمن الطاقة على حد سواء. وهي مرحلة جديدة من العلاقات الدبلوماسية القائمة على شراكة اقتصادية متميزة؛ أسهم في إرساء قواعدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ الذي أعاد ترتيب علاقات المملكة بشكل متوازن بين الشرق والغرب على أسس اقتصادية وشراكات استثمارية تحقق المصالح المشتركة.

تعزز الشراكة الاقتصادية والعلاقات التجارية من العلاقات الثنائية، وتجعلها أكثر عمقاً واستدامة، خاصة وأن المملكة أحد أهم شركاء اليابان التجاريين في الوقت الذي تحتل فيه المركز الثالث بالأهمية التجارية للمملكة. أما الجانب الاستثماري فتم تعزيزه مؤخراً ليصل حجمه إلى 30 مليار دولار وهو مرشح للنمو بشكل أكبر خلال السنوات المقبلة.

ومن المهم الإشارة إلى اعتماد اليابان بشكل كبير على النفط السعودي، الذي يسيطر على ما نسبته 38.6 في المائة من وارداتها في عام 2018.

ركزت القمة السعودية – اليابانية، المنعقدة في الرياض، وجلسة المباحثات بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، على القضايا الإقليمية والدولية بشكل خاص، وآفاق التعاون وفق الرؤية السعودية – اليابانية 2030.

السياحة وأمن الإمدادات والذكاء الصناعي والطاقة المتجددة أخذت جانباً مهماً من المباحثات، وهي ملفات مهمة للبلدين وفق الاحتياج والرؤية المستقبلية.

اعتماد اليابان على النفط السعودي عزز من أهمية ملف أمن الإمدادات النفطية وحماية الممرات البحرية، وأحسب أنه كرس التوافق السعودي الياباني حول أمن المنطقة وأهمية المباحثات الدبلوماسية في معالجة النازعات الطارئة.

ومن وسط المملكة، إلى غربها حيث محافظة العلا التي احتضنت جلسة المباحثات الثانية بين سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الياباني.

جلسة مباحثات مهمة، استحوذ الاقتصاد والتجارة والاستثمار على محاورها، وعقدت على بيئة التراث وبلغة الثقافة التي تعزز الدبلوماسية الناعمة والعلاقات الإنسانية المحفزة على إنجاز أكثر الملفات تعقيداً. كان لافتاً الاستقبال الذي تم في «بيت الشعر» ووفق التقاليد المحلية.. استقبال يعزز الثقة بالبيئة وثقافتها والتعلق بالأصالة التي تبنى عليها الحضارة المنشودة دون أن تتسبب في فقدانها.لم يكن مستغرباً انتشار مقطع فيديو قصير عن لقاء بيت الشعر، وارتداء السيد «آبي» «الفروة» أو العباءة الشتوية. لقطات رائعة بعدسة محترفة أشعرت السعوديين بارتباطهم وتواجدهم في ذلك المكان الجميل.

يقال: إن أثقل الملفات يمكن حلحلتها على طاولة العلاقات الإنسانية. وهذه حقيقة لا يمكن إغفالها، وأحسب أن لقاء بيت الشعر الذي حقق مجموعة من الأهداف، يؤكد الاحترافية الدبلوماسية التي أعاد تشكيلها سمو ولي العهد.

اعتمد الأمير محمد بن سلمان أسلوباً جديداً في بعض لقاءاته الرسمية، وهو أسلوب أقرب إلى الدبلوماسية الناعمة التي تعتمد الثقافة والعلاقات الإنسانية كقاعدة للمباحثات الرسمية. فلقاء العلا كان مفعماً بالتراث والثقافة والتقاليد العريقة التي يعشقها اليابانيون، بل لا يمكنهم الانفكاك عنها حتى في لقاءاتهم الرسمية.

لقاء العلا قد يفتح آفاق الاستثمار السياحي على مصراعيه، بعد أن فتح نوافذ السياحة والثقافة والتراث ومد جسورها إلى العالم الخارجي.

نقلا عن الزميلة جريدة الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock