مقالات

اقتصاد ما بعد كورونا «19»

تم النشر في الأربعاء 2020-08-12

 

 

د.احسان أبو حليقة

المقصود هنا بحوكمة الأسواق زيادة انفتاحها وتحررها بما يؤدي إلى انفتاح الاقتصاد وتوسعه، بالتالي نموه، بفعل استقطابه المستهلكين والمستثمرين. وهذا يتطلب تخفيف تداخلات التشكيلات الحكومية في الشأن الاقتصادي للحد الأدنى، حتى تتوازن أسواق السلع والخدمات بناء على قوى العرض والطلب. ما سيعني تغييرات جوهرية، بما في ذلك إزالة تحديات ممارسة القطاع الخاص كل نشاط اقتصادي بوسعه ممارسته.
وتساند الأدبيات ذات الصلة بأن الحوكمة الناجزة الداعمة للنمو هي الأرضية الملائمة لتنصب فوقها سياسات النمو الاقتصادي، بمعنى أن ثمة تسلسل وترتيب، وأن تحسين القدرة على حوكمة أسواق السلع والخدمات سيدفع الاقتصاد إلى النمو، حيث سيتيح ذلك للأسواق القيام بوظيفة توزيع الموارد بكفاءة أعلى، فتزيد إنتاجية الاقتصاد فينمو.
والهدف محدد وهو جعل المتحكم في السعر السوق، والسوق فقط، وبأن الباعة يتنافسون بحرية ويدخلون السوق بأريحية، وأن المتبضع “الزبون المحتمل” يحصل على أفضل قيمة أو على قيمة منافسة على أقل تقدير، أي أن السوق لن تكون نهبا للمحتكرين والمتربصين، الذين يتربحون من إحداث فوارق سعرية كبيرة، وبالتالي يتحقق هامش ربح هائل، عندما تنتقل السلعة من يد المستورد إلى يد تاجر الجملة للموزع، ثم المستهلك النهائي. المشتري يلمس ذلك ملمس “الجيب”، عندما يقرر أن يتجاوز إحدى تلك الحلقات، كأن يذهب للتبضع من سوق الجملة عوضا عن السوبرماركت. ولا جدال أنه سيكون هناك فرق في الأسعار بين سوق الجملة وسوق التجزئة، لكني أتحدث عن هوامش تتجاوز المعقول. والفارق الكبير بين سعري الجملة والتجزئة هو عرض لمرض اقتصادي عضال، الشفاء منه سيحدث الصدمة الإيجابية لاقتصادنا الوطني ليصعد رأسيا من الركود، وينضم إلى مجموعة الدول التي ستغادر تداعيات الجائحة اقتصاداتها دون إبطاء، لتعاود النمو، وهو ما يعبر عنه بتعافي حرف V V-shaped recovery.
إذن، فالطريق القصير لمعاودة النمو الاقتصادي، يكمن في تركيز الجهد على إزالة المعوقات والتداخلات التي تحد من حرية أسواق السلع والخدمات، ويتحقق المكسب السريع بإطلاق حزمتين، حزمة تفحص كفاءة الأسواق والهيئات المنظمة لها، وحزمة تعالج الأسواق الواهنة أو حتى الفاشلة لرفع كفاءتها. وإزالة الوهن يتطلب في الأساس تمكين قوتي العرض والطلب وإزالة قيود المنافسة، وما دمنا قد اتخذنا الخطوة الهائلة وهي حوكمة ملكية الموارد الطبيعية وإدراج الشركة صاحبة الامتياز الأهم في السوق المالية، فقد قطعنا “أميالا”، بقي استقلالية المستهلك في الاختيار، إذكاء منافسة المنتجين، وشمول حوكمة السوق لكامل سلسلة القيمة.

عن الاقتصادية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock