أمازون في سعيها للخروج من الأزمة تتجه إلى سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي، مقارنة بالخطوات التي اتخذتها شركتا مايكروسوفت وجوجل.
الاقتصاد.الوكالات
تم النشر في الجمعة 2023-02-17المستثمرون الذين انضموا إلى مكالمة أرباح شركة أمازون في وقت سابق من هذا الشهر، رحب بهم شخص غير متوقع، أندي جاسي، الرئيس التنفيذي للمجموعة.
على عكس تيم كوك من شركة أبل، أو مارك زوكربيرج من شركة ميتا، أو سوندار بيتشاي من شركة ألفابت، من النادر أن ينضم الرئيس التنفيذي لشركة أمازون -سواء كان جاسي أو سلفه جيف بيزوس- بنفسه لحضور الجلسة ربع السنوية للأسئلة غير الخاضعة للإشراف من محللي وول ستريت، الذين يراقبون ثروات الشركة.
أبلغ المحللين قوله “اعتقدت أنه قد يكون من الجيد الانضمام إلى هذه المكالمة”.
يعلم جاسي أن عليه أن يتفاعل بشكل أكبر مع وول ستريت هذا العام. قلة من الرؤساء التنفيذيين كانت لديهم بداية أكثر صعوبة في الوظيفة مثلما هي الحال بالنسبة إليه. فمنذ توليه المنصب عام 2021، تراجعت القيمة السوقية لشركة أمازون إلى النصف تقريبا من أعلى مستوياتها. وانخفضت إيرادات التجارة الإلكترونية العام الماضي للمرة الأولى في تاريخ الشركة البالغ 28 عاما. وسيؤثر برنامج التسريح الناتج عن ذلك في 18 ألف شخص، العدد الأكبر من أي من شركات التكنولوجيا الكبرى.
بصفته خليفة بيزوس، المختار بعناية، قوبل جاسي بحسن نية حتى الآن. لكن إذا كانت لديه رؤية للمستقبل، فإن الآن هو الوقت لتوضيحها.
الولاء بداية جيدة. يعمل جاسي في الشركة منذ عام 1997 وقال سابقا “إنه لم يكن يتطلع إلى الوظيفة العليا أو يتوقعها”. لكن بما أنه حصل عليها، فهو يواجه مجموعة كبيرة من التحديات المباشرة وأسئلة عن الاستراتيجية طويلة المدى.
تتمثل التحديات الأولى التي يواجهها في كبح جماح تكاليف توسع شركة أمازون خلال حقبة الجائحة والاستجابة لمزيد من التدقيق من جانب المشرعين وعامة الناس، وأصحاب المصلحة الذين أصبحوا أكثر تشككا في قوة التجارة الإلكترونية منذ الجائحة.
أما التحدي طويل الأجل فمشابه للتحدي الذي واجهه تيم كوك في شركة أبل: تولي المسؤولية من قائد صاحب رؤية، أنشأ واحدة من أكثر الشركات نجاحا في التاريخ حسب صورته الخاصة، ووضع بصمته عليها بطريقة أو بأخرى.
لكن بعد مرور عام، يرغب المستثمرون في معرفة الأفكار الجديدة الخاصة بالرجل البالغ من العمر 55 عاما لتجنب “اليوم الثاني”، مصطلح غير محاب استخدمه بيزوس لوصف “سبات” شركة لم تعد مبتكرة بعد تدفق الأفكار في “اليوم الأول”.
لا يوجد حتى الآن مصطلح “على أسلوب جاسي” لإضافته إلى مصطلح “على أسلوب جيف” الذي انطبع على الموظفين، ولا توجد مشاريع مهمة لم تكن قيد التنفيذ بالفعل خلال ربع قرن من رئاسة مؤسس الشركة.
كما تعرقل الميزانية العمومية لشركة أمازون قراراته. فقبل الجائحة، أدت عمليات الشركة المتعددة عالية الهامش إلى زيادة صافي الدخل. وتعزز ذلك بفعل الطفرة في المبيعات عام 2020.
لكن مزيجا من الإنفاق المرتفع وتراجع الطلب أدى إلى إعلان الشركة خسارة صافية 2.7 مليار دولار لعام 2022. والدين طويل الأجل يتجاوز الآن النقد، والمكافئات النقدية والنقد المقيد.
لكن جاسي متفائل بتجاوز التحدي. قال لـ”فاينانشيال تايمز”، “يتعين على الشركات التي تدوم لفترات طويلة أن تجد طرقا للتكيف، وأن تكون ناجحة، في كثير من المراحل المختلفة. وهذه مجرد واحدة منها”.
الانتعاش خلال كوفيد
في لحظات معينة خلال الجائحة، بدت شركة أمازون أشبه بخدمة طوارئ أكثر من كونها متجر تجزئة. أدى الإغلاق القسري للمتاجر التقليدية وعمليات الإغلاق العالمية إلى زيادة في التجارة الإلكترونية. ونمت الإيرادات الإجمالية 38 في المائة عام 2020 مقارنة بالعام السابق.
أعطى هذا الازدهار في المبيعات ثقة للشركة لاتخاذ خطوات كبيرة والتحرك بسرعة. في غضون 18 شهرا فقط ضاعفت حجم شبكتها اللوجستية، وافتتحت مئات المستودعات الجديدة، ومراكز التسليم وحتى مركزا للشحن الجوي. ووظفت عشرات الآلاف من عمال الخطوط الأمامية، في الذروة كان هناك 1.7 مليون موظف في سجلات شركة أمازون، لا يشمل ذلك سائقي التوصيل أو غيرهم من المقاولين.
كانت خطوط الأعمال الجديدة مثل البقالة، والإعلان، والرعاية الصحية لا تزال في مهدها لكنها بدت مهيأة لتصبح “ركائز” جديدة للشركة. أظهرت صفقة بقيمة 8.45 مليار دولار للاستحواذ على استوديو الأفلام، “إم جي إم”، تطلعات شركة أمازون في محتوى الفيديو، وكذلك إنفاق مليار دولار لإنشاء مسلسل لورد أوف ذا رنجز التلفزيوني، ومليارات أخرى على شراء الحقوق الرياضية بما في ذلك في اتحاد كرة القدم الأمريكي والدوري الإنجليزي الممتاز.
لكن مع بدء توقع أن هذه التحركات المكلفة ستؤتي ثمارها، تدهور المزاج. يلوم جاسي العوامل الخارجية. يقول “اعتقدنا أننا كنا نخرج من الجائحة، لنفاجأ بظهور أوميكرون، ثم الحرب في أوكرانيا، والاستقالة الكبرى، والتضخم، وهذا الاقتصاد. كان هناك كثير من الأشياء التي لم يكن بإمكان المرء أن يتوقعها”.
أدى توسع شركة أمازون السريع والمتخبط أثناء كوفيد إلى تركها مع شبكة لوجستية ضخمة.
يقول جاسي “كنا نعلم عندما كنا نتخذ ذلك القرار أننا ربما نبني قدرة أكبر من حاجتنا”، لكن الشركة اختارت “التركيز على جانب المستهلكين، والقدرة على خدمتهم في ذلك الوقت الاستثنائي”.
على الرغم من أنه يقول إن أمازون قد تتخذ القرار نفسه مرة أخرى، إلا أن ديف كلارك المدير التنفيذي المسؤول عن كثير من التوسع، ترك الشركة منذ ذلك الحين.
تدعي أمازون أنها صححت حجم القوى العاملة لديها في الخطوط الأمامية. لكن كان على خفض التكلفة الارتفاع إلى مستوى أعلى في السلم: ليس العاملين في المستودعات فحسب، بل مهندسي البرمجيات، ومديري المنتجات، والعاملين في قسم التوظيف، “والأشخاص الذين لديهم عنوان بريد الشركة الإلكتروني”، حسب تعبير شخص في شركة أمازون.
كان تقليصها النفقات أحد أكبر التخفيضات بين شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة، حيث تم تسريح 18 ألف موظف من شتى أرجاء العالم. وفي حين إن الوظائف المفقودة تمثل نسبة منخفضة ـمن رقم واحد فقطـ من إجمالي القوى العاملة في الشركة، يقول جاسي “إن الشركة ليس لديها أي نية لمزيد من تخفيض الوظائف في الوقت الحالي”.
ما بدا كأنه طموح وحماسة غير محدودة تحت إدارة بيزوس تحول فجأة إلى تراجع تحت إدارة جاسي. امتدت الصدمة إلى الدردشات على أداة المراسلة في مكان العمل، سلاك، وفي وسائل الإعلام.
ينفي جاسي أي إشارة إلى أن شركة أمازون كنزت المواهب أثناء الجائحة، أو أن معدلها المذهل لنمو الموظفين كان غير مسؤول.
كان التوظيف الجريء “رمزا للطريقة التي نفكر بها تجاه الفرص هنا. هناك أوقات تنمو فيها بشكل جيد جدا، ومن المنطقي أن تزيد عدد موظفيك. ثم يتغير الاقتصاد، ويتغير الاقتصاد الكلي. وتدرك أنك أمام هيكل تكلفة أكبر من رغبتك فتتراجع”.
طريقة جاسي
من الناحية التشغيلية، يبدو أن القليل قد تغير داخل شركة أمازون تحت إدارة جاسي. فلا يزال يبدأ اجتماعات الأفكار على طريقة بيزوس الشهيرة التي تطلب من مقدم العرض كتابة مذكرة من ست صفحات، يقرأها الحاضرون في الاجتماع بصمت قبل بدء أي مناقشة.
قال جاسي “لا أعتقد أن هذا سيتغير، إنها طريقة فعالة بشكل لا يصدق لتوصيل المعلومات”.
كما أنه لم يغير أيا من مبادئ القيادة الأساسية لشركة أمازون، التي تتضمن أشياء مثل “الاقتصاد في النفقات” و”الهوس بالعملاء”. لكن قبل أيام من تولي جاسي دفة القيادة، أضافت شركة أمازون مبدأين آخرين إلى القائمة للمرة الأولى.
أحدهما “يجب أن نكون متواضعين ومهتمين حتى بالآثار الثانوية لأفعالنا”، فيما يتعلق بتأثير الشركة المتزايد، في المقام الأول في الكوكب. المبدأ الآخر هو أن شركة أمازون يجب أن “تسعى جاهدة لتكون أفضل صاحب عمل في العالم”، أضيف هذا المبدأ في أعقاب مطالبة الموظفين بتأسيس نقابة لهم، التي فاجأت الشركة في نيسان (أبريل) 2022.
لم يكتسب الضغط من أجل الاعتراف بالنقابة زخما جادا خارج ولاية نيويورك، لكنه يشكل تهديدا مستمرا بالدعاية السلبية.
يظل بيزوس أكبر مساهم فردي في شركة أمازون، بحصة 9.7 في المائة، وهو الرئيس التنفيذي لمجلس الإدارة. يقول جاسي “إنه يتحدث إلى سلفه مرة في الأسبوع”، “لقد كانت لدينا علاقة طويلة وقوية للغاية لأكثر من 20 عاما. لذلك نتحدث بانتظام، أستمتع بذلك”.
خارج قاعدة شركة أمازون في سياتل، يتضح اختلاف واحد كبير بين الرجلين. فبينما كان بيزوس يتجنب عموما رفقة السياسيين، جاسي يشعر براحة أكبر في أروقة السلطة ويقوم برحلات متكررة إلى واشنطن. يقول أولئك المطلعون على أسلوب قيادته، إنه يأتي مسلحا “بالمضمون” و”البيانات”، على عكس شخصية بيزوس.
يقول جاسي “لقد حاولت قضاء بعض الوقت في فهم ما قد يكون لدى الأشخاص من مخاوف بشأن الشركة. إذا لم تقض وقتا كافيا في مشاركة ما يحدث بالفعل، فسيمل الناس هذا الفراغ. لذلك نحاول فقط التأكد من أن لدينا هذا النوع من الحوار المفتوح”.
فشلت هذه الجهود حتى الآن في توليد كثير من حسن النية تجاه الشركة وهي تتطلع إلى التوسع عبر عمليات الاستحواذ. صفقات الشراء الكبيرة التي نفذتها أمازون في الأشهر الأخيرة قيد المراجعة. صفقتها البالغة 3.9 مليار دولار للاستحواذ على شركة ون مديكل للخدمات الصحية الأولية في مرحلة “الطلب الثاني” من التدقيق الأعمق، مثلما هي الحال مع آي روبوت، الشركة المصنعة لمكنسة رومبا.
وفقا لتقارير إعلامية متعددة، تدرس لجنة التجارة الفيدرالية دعوى قضائية أوسع ضد ممارسات الشركة، مثل كيفية تعاملها مع ملايين البائعين الخارجيين الذين يدرجون البضائع في سوق أمازون. رفضت لجنة التجارة التعليق على هذا الأمر.
مقارنة بالتعليقات السابقة للشركة حول الدوافع المفترضة للجهات التنظيمية -اتهمت أمازون لجنة التجارة الفيدرالية بالتحيز ومضايقة الشركة ومديريها التنفيذيين- يبدو أن جاسي مستعد لاتخاذ موقف دبلوماسي أكبر في 2023.
يقول “عليك أن تعمل ضمن الحدود مهما كان الوضع. قد تستغرق الصفقات وقتا أطول من المعتاد، أو ما نعتقد أنه ينبغي أن تكون عليه الحال. لكن هذه هي الحال اليوم، وسنواصل المضي قدما”.
آفاق جديدة
يعمل التعديل بعد الجائحة أيضا على تكثيف التدقيق في توسع شركة أمازون في مجالات الأعمال الجديدة، ولا سيما الذكاء الاصطناعي، حيث بدأت عمليات استيلاء غير مسبوقة على التكنولوجيا المتقدمة.
بينما يمكن العثور على تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي عبر خدمات أمازون ويب وداخل عمليات أمازون نفسها، هناك قلق كبير حتى بين داعمي الشركة من أنها تأخرت بالفعل في سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي، مقارنة بالخطوات التي اتخذتها شركتا مايكروسوفت وجوجل.
يقول مات ماكلوين، العضو المنتدب لمجموعة مادرونا فينشر، وهي مستثمرة رئيسة ومبكرة عملت بشكل وثيق مع شركة أمازون على مدى عقدين من الزمن “من الواضح أن شركة مايكروسوفت في الصدارة وقد حصلت على كثير من أفكارنا”. ويضيف “يتعين على شركة أمازون أن تدرك هذا الاتجاه الهائل نحو التطبيقات الذكية والتوليدية. ينبغي أن يكون لدى أمازون استجابتها الاستراتيجية الخاصة”.
يشير جاسي إلى أنه يرى “فرصا” للعمل مع شركات أصغر في هذا المجال، لكنه لم يخض في التفاصيل. إحداها، شركة ستيبلتي إيه آي -منافسة شركة أوبن إيه آي المدعومة من قبل مايكروسوفت- التي تدمج بالفعل برامجها مع منصة خدمات أمازون ويب.
يقول جاسي “أعتقد أنه أمر مثير، ذلك الذي يمكننا فعله باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. هذا جزء مما تراه مع نماذج مثل شات جي بي تي. لكن معظم الشركات الكبيرة، ذات التكنولوجيا العميقة، مثل شركتنا، كانت تعمل على نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة جدا والتوليدية هذه منذ وقت طويل”.
العمل الأقل عصرية، لكن يمكن القول إنه بالأهمية نفسها لمستقبل أمازون هو أعمال البقالة غير الناجحة. فبعد خمسة أعوام من الاستحواذ على شركة هول فودز بقيمة 13.7 مليار دولار، لا يزال على شركة أمازون التوصل إلى إعادة ابتكار متاجر التجزئة المادية، ذلك الابتكار الذي كانت تخشاه سلاسل محال السوبرماركت التقليدية عندما تم الإعلان عن الصفقة. فقد نمت العوائد من وحدة المخازن الفعلية في شركة أمازون 10 في المائة فقط خلال هذه الأعوام الخمسة.
يقول محللو الصناعة “إن نماذج متاجر هول فودز غير متسقة وفشلت في توفير محطات مناسبة لتوصيل البقالة بطريقة توقعها بعض المتابعين”. يقول نيل سوندرز، محلل التجزئة “لقد وصلوا حقا إلى طاقتهم الاستيعابية لما يمكنهم فعله باستخدام متاجر هول فودز”.
كذلك كانت محاولات أمازون إنشاء متجرها المادي الخاص مخيبة. اختبرت الشركة متاجر أمازون جو، حيث تسجل الكاميرات ما يختاره المتسوق وتخصم تلقائيا من حساب أمازون الخاص به. تعمل تكنولوجيا “اخرج فحسب” بدقة مذهلة، لكن محاولات بيعها لتجار التجزئة الآخرين من أصحاب المحال لم تحقق سوى نتائج محدودة.
افتتحت الشركة متاجر أمازون فريش بحجم أكبر بحيث يمكن مقارنتها بمتاجر السوبر ماركت التقليدية، وهي تعمل أيضا مراكز توزيع صغيرة للعملاء عبر الإنترنت. وعلى الرغم من وجود خطط لافتتاح مئات من الأفرع، إلا أن بضع عشرات فقط تم افتتاحها.
يقول جاسي “إننا نجري كثيرا من التجارب، وعديد منها يشجعنا. نحن نجرب الاختيار، وأشكال الدفع، والتصنيف، ونقاط السعر. كما نأمل أن يتوافر لدينا نموذج يمكننا التوسع فيه بشكل كبير في عام 2023”.
لكن قبل ذلك، أصبح التوسع في متاجر أمازون المادية بطيئا كما تحملت الشركة رسوما بلغت 720 مليون دولار على عقود إيجار تم فسخها وتكاليف أخرى متعلقة بتقليص البقالة في الربع الرابع.
يقول سوندرز “إنهم لا يفهمون حقا مسألة محال البيع بالتجزئة المادية جيدا”، واصفا أمازون بأنها “بائع تجزئة لديه عقل سليم جدا، لكنه لا يهتم كثيرا به”.
كما أثيرت شكوك على نحو متزايد حول تجربة التسوق عبر الإنترنت في “الممر غير المتناهي” لأمازون أيضا. في المقابل ازدهرت وحدتها المتخصصة في الإعلان، التي يصفها جاسي بأنها أحد رهاناتها الكبيرة على المستقبل، حققت مبيعات اقتربت من 38 مليار دولار في عام 2022.
لكن السلع الرخيصة والمقلدة في بعض الأحيان من الشركات الصينية غير الراسخة يتم عرضها في الغالب بشكل بارز أكثر من العلامات التجارية الشرعية، الأمر الذي يوجد تجربة سيئة للمستخدم، يصفها أحد المعلقين في مجلة “نيويورك” بأنها “تخريب لقيمة شركة أمازون”.
يقول سوندرز “لقد أصبح التسوق على أمازون أكثر صعوبة وإرهاقا”. لكن أمازون قالت “إن استطلاعاتها أظهرت أن الأغلبية العظمى من المتسوقين يشعرون بالرضا عن استخدام الموقع”.
خدمة برايم
كانت إحدى ضربات بيزوس البارعة هي تقديم خدمة برايم. فخطة الاشتراك التي تم إطلاقها في عام 2005 قدمت في البداية خدمة توصيل مجانية وسريعة، لكنها توسعت بعد ذلك لتشمل مجالات الترفيه والألعاب وأخيرا أصبحت تشمل الرعاية الصحية. في العام الماضي، بلغت الإيرادات من “خدمات الاشتراك” 35.2 مليار دولار -معظمها أتت من برايم- بزيادة 11 في المائة عن عام 2021، لكن بمعدل نمو أبطأ مما كانت عليه في الأعوام السابقة.
يعد الاحتفاظ بالمشتركين في خدمات برايم أمرا أساسيا. فهم يتسوقون وينفقون أكثر من العملاء غير المشتركين في الخدمة. ومع أن أمازون لا تكشف عن أعداد المشتركين، إلا أن تقديرات إنسايدر إنتيليجانس تضعها عند نحو 90 مليون مشترك في الولايات المتحدة. وقد وصلت الخدمة إلى نقطة التشبع حيث بلغت نسبة الاشتراكات من المنازل الأمريكية 69 في المائة.
كما أصبح الترويج لقيمة برايم أكثر أهمية بعد أن رفعت أمازون السعر لأول مرة منذ عدة أعوام، ارتفعت 17 في المائة في الولايات المتحدة إلى 139 دولار سنويا. لكن المحافظة على برايم كأفق لجذب المستهلكين الذين يتأثرون بشكل متزايد بالتكلفة هو أمر مكلف ولا ينتهي أبدا.
أنفقت أمازون 17 مليار دولار على المحتوى الترفيهي في عام 2022، ارتفاعا من 13 مليار دولار في عام 2021. وبينما اجتذبت أعدادا كبيرة من المشاهدين -استطاع برنامج لورد أوف ذا رينجز جذب مائة مليون مشاهد- لكن ردود الفعل التي تلقاها كانت متباينة. مثلا، حصلت أمازون على ترشيح واحد فقط لجوائز الأوسكار هذا العام مقابل 16 ترشيحا لمنصة نتفليكس. وفي أحدث إصدار لحفل جوائز إيمي، تفوقت الأطراف الأخرى في مجال البث عبر الإنترنت عليه تماما تقريبا.
يقول جاسي “إنه متحمس حقا للمحتوى الذي ننتجه، وإن العرض لا يزال في مراحله الأولى”.
تعمل أمازون أيضا كسوق لترويج منصات البث الأخرى عبر الإنترنت، ما يسمح لها بتحصيل العمولة عندما يضيف العملاء قنوات مثل إتش بي أوه، أو شو تايم، أو بي بي إس.
أوضح جاسي أن هدف الشركة هو “توفير أفضل المختارات لمحتوى بث الفيديو عبر الإنترنت. نعم، نأمل أن يتضمن ذلك بعض عروضنا الأصلية، لكن كثيرا من ذلك سيشمل عروض الآخرين الأصلية”.
قد لا تكون الجهة التي تنتج المحتوى الأصلي على نظام البث الخاص بها طرفا أساسيا يسهم في نجاح أمازون، لكن مسألة إذا ما كان يمكن لجاسي ترك بصمته الخاصة على الشركة ستسهم في ذلك بالتأكيد.
أما في المدى القصير، فيرى المحللون أن سجل جاسي في تأسيس وتشغيل تجربة منصة أيه دبليو إس كافية للحفاظ على سيطرته على أمازون خلال الفترات الصعبة.
قال برينت ثيل، المحلل في “جيفريز”، “في الواقع يتبوأ مكانة أفضل من بيزوس. مديرو البرمجيات، بطبعهم، لا يحبون الأشياء التي تخسر المال أو التي ليس لديها هوامش عالية أو التي لا تظهر الإيرادات المتكررة. أعتقد أنه أقل تحمسا إزاء تنفيذ المشاريع المبتكرة وسيركز على مزيد من المشاريع التي أثبتت ربحيتها”.
أخبر جاسي المحللين خلال مكالمة الأرباح بأن أولوياته المباشرة كانت مجرد أشياء أساسية، خفض التكاليف، وتعزيز عرض برايم، وإبقاء الأسعار منخفضة، وتسريع خدمة التوصيل.
لكن تأجيل اليوم الثاني المخيف أصبح صعبا بشكل متزايد.